العمارة البنائية
العمارة البنائية هي حركة معمارية معاصرة، وشكل من أشكال عمارة الحداثة. ظهرت في الاتحاد السوفييتي وتحديداً في موسكو بعد الحرب العالمية الأولى، وضمت عدة اتجاهات فنية ظهرت آنذاك.
لقد ظهرت هذه الحركة الفنية أصلاً في أعمال ونظريات النحاتين نوم غابو وأنتوني لفسنر، ومن ثم امتدت إلى العمارة. وقد ظهرت أول وثيقة فنية لها دُعيت بـ”الوثيقة الواقعية” عام 1920 ضمت خمس مبادئ أساسية مقتبسة من الأعمال المعتمدة على التقنية البنائية لرواد هذا التيار مع التأكيد على أن النظام الفني الجديد سيؤدي إلى ظهور ونمو حضارة جديدة، وسيكون أيضًا أساسًا للفنون الأخرى لاعتماده قوانين حقيقية لواقع الحياة
وتجمع البنائية بين التقنية المتقدمة والهندسة، كما كانت مخصصة لغايات اشتراكية وشيوعية. وبالرغم من أنها قُسّمت إلى عدة اتجاهات تنافسية، إلا أن الحركة قد أنتجت كثير من المشاريع الريادية والمباني المقامة، قبل انحلالها في عام 1932 تقريبًا. وقد ظهر تأثيرها على كثير من الحركات المعمارية الأخرى في وقت لاحق
أثر التيار المستقبلي الإيطالي على الفنانين الروس تأثيرًا قويًا وعميقًا منذ بدايته في أوائل القرن العشرين. ففي عام 1913 عُرضت أول مسرحية مستقبلية روسية في سانت بطرسبيرغ. وفي عام 1915 اُقيم أول معرض للفن المستقبلي الروسي في سانت بطرسبرغ، شارك فيه عدد من الفنانين الروسي من أهمهم، كاسمير مالفيتشوفلاديمير تاتلين. وفي فترة قصيرة أصبح الاثنان زعيمي الاتجاهين الفنيَّين الرئيسين “للفن اللاتشبيهي” أو “Non-objective art” السوبرماتية، والبنائية. وكانت بين الإثنين نزاعات وتنافس مستمر. عرض تاتلين في ذلك المعرض سبعة أعمال فنية سماها “شواخص نافرة” مكونة من مواد كالخشب والحديد والزجاج، ومواد أخرى، ملصقة ببعضها في تشكيلات تجريدية حرة، يتم تعليقها في زوايا الغرفة وليس في منتصف جدار العرض. وكان مسار العمارة السوفيتية بشكل عام في عقد العشرينات من القرن العشرين أكثر تأثرًا بأعمال وأفكار تاتلن منه بالفن السوبرماتي، والذي ظل أسيرًا للفلسفات والشروحات الميتافيزيقية بخصوص البعد الرابع والهندسة الإقليدية على غرار شروحات وادعاءات أبولينير، في حين كان تأثير السوبرماتية أكبر وأوسع انتشارًا في مجال الفنون الطباعية بشكل خاص، وخاصة في تصميم الملصقات والشعارات الدعائية
لقد ظهر في روسيا في بدايات القرن العشرين العديد من المدارس المعمارية، وكان هناك صراع بين أعضائها من الفنانين. وقد تمحور هذا الصراع منذ البداية بين شخصيتين رئيسيتين، هما ألكسندر فزنينونيكولاي لادوفيسكي. وكان هذا الاختلاف نابعًا من اهتمام لادوفيسكي وتركيزه على تطوير منهج علمي للبحث في طبيعة العمليات الإدراكية للأشكال المختلفة وتأثيرها على المشاهد والمتحسس لها. وكان يحاول تقريب منهجه هذا إلى علم الاقتصاد السياسي، لربطه بمبادئ الثورة الماركسية – اللينينية من خلال النظر إلى عملهم على أنه نوع من اقتصاديات الإدراك. وأطلقت على أنصار هذا التوجه صفة “العقلانيين”. أما فزنين، ومن ناصره من المدرّسين والطلبة، فقد بدؤوا تدريجيًا بالابتعاد عن القضايا الشكلية في الفن، مؤثرين توجيه اهتمامهم نحو الإنتاج الفعلي للأشياء التي يمكن أن تعود بالنفع العام، وفي مقدمتها العمارة. وقد كانت هذه التوجهات في اتساق مع نصائح ماركس لأتباعه بضرورة “دراسة الحياة كما هي، بكل تفاصيلها وتعقيداتها، بذات الطريقة التي تُدرس بها عمل الآلات”.[8]وكذلك في اتساق تام مع دعاوي الشاعر فلاديمير ماياكوفسكي عام 1919 في قوله بأن “القلب البشري ليس سوى مضخة، والعقل ليس أكثر من آلة دقيقة”ولكن بالرغم من أن فزنين لم يتخل عن اهتمامه بالقضايا الشكلية الفنية، إلا أن اعتماده هو وأنصاره لمنهج الوظيفي بشكل علني وصريح، أصبح السمة المميزة لمجموعته “المجموعة المعمارية المستقلة” (OSA) التي أسسها عام 1924، والتي أصبحت النواة الرئيسية لما يُعرف باسم “الحركة البنائية